Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

مدونة د. الصحبي العمري

مدونة د. الصحبي العمري

Articles du DR SAHBI ELAMRI


الإجرام ”الشرعي“ في الطب ”السياسي“

Publié par SAHBI EL AMRI sur 24 Octobre 2015, 23:16pm

الإجرام ”الشرعي“ في الطب ”السياسي“

حين تنقلب المعايير الأخلاقيّة وتتورّم النخبة الوطنيّة بالمنفعيّة الذّاتيّة وتسلّق سلّم الولاء والتّأييد تكون تداعيات الكارثة في أقصى مداها... ليصبح الطب الشرعي في خدمة الإجرام السياسي...

إذ لا يمكن أن نبني البلاد نحو الغد الأفضل بمن أساؤوا إليها وإلى شعبها البارحة ولا يمكن أن ننتصر لثورة تونس المجيدة دون محاسبة كلّ من أجرم في حق أبنائها... لذلك فإنّ تونس قادمة على حقبة عسيرة ما زالت تفتح فيها عديد الملفّات المذهلة التي تتجاوز بكثير تعاطي المخدّرات والإستيلاءات والتحويلات من طرف العصابة المافيوزيّة التي كانت تحتكر السلطة في تونس.

من ذلك فإنّ فتح ملفّات التعذيب في مخافر وزارة الداخليّة وما يكتنفه من جرم رهيب ظلّ طيلة عقود في طيّ التّستّر والكتمان في مؤسّسات الدولة تحت مناعة الحصانة القضائيّة المتراميّة الأطراف على ممارسات وإنتهاكات أزلام المخلوع فإنّ النبش في هذا الموضوع يجعل المتابع للإشكال المزمن المطروح يكتشف أخطبوط ماكينة أخضعت كل أجهزة الدولة لخدمة حزب الدولة ودولة الحزب بعد أن أخضعت لخدمتها بدون تحفّظ جميع الطّاقات العضليّة والنخبويّة السّاعية للتسلّق والإبتذال حسب العرض والطلب وذلك حتّى تكون هذه الطينة الرخيصة من الطبقة المحظوظة التي لا تطالها يد العدالة بل تكون محل حظوة وتبجيل من جرّاء خدماتها الإجراميّة "الجليلة".

لقد إرتكزت كيانات دكتاتوريّة البوليس على تكريس تبعيّة القضاء والبوليس والإعلام وشرذمة من المجتمع المدني للسيطرة على البلاد والأنفاس والعباد في ديكور مزيّف بمستحضرات البهتان الديمقراطي ومساحيق البروبقندا التي تحميها التشريعات والتشريعات المضادة. "نحن الدولة" هي عبارة كان يردّدها المسؤول في أجهزة الحزب والبوليس والقضاء والإعلام وما على المواطن ألاّ يجد نفسه في مخالب خصومة مع "الحاكم" لأنّه طبعا سوف يكون فريسة لماكينة الموت البطيء التي يشرف عليها أباطرة الإجرام السياسي والفساد المالي دون مراقب أو رقيب...

فلا أحد في تونس يجهل تقنيات الإنتهاكات التي يتعرّض لها المواطن حين يكون محلّ شبهة أو إدانة عدليّة في مخافر البوليس ... لأنّ كلّ موقوف يعتبر متهما إلى أن تثبت براءته التي لن تكون بالسهولة التي يتوقّعها أي إنسان وذلك حين تفبرك الملفّات وتوزّع التهم جزافا لإرباك المجتمع وزرع الخوف في كيانه وإبتزازه حتّى يطول صمته الذي كان يعتبره أباطرة الإجرام السياسي والفساد المالي إستقرارا في حين كان يؤشّر على تراكمات إحتقان دفين وهدوء ملغوم تحت فوهة بركان إنطلقت شرارته من بؤر الظلم والقهر والإستبداد من داخل تونس المريضة والصّابرة على قدر أبنائها.

فلا يخفى على أحد من أعماق البلاد وخارجها ما كان يديره شقّ من قضاة المخلوع للتّستّر على جرائم نظام المخلوع وذلك بالتواطئ مع سلك كان يأتمنه المواطن على عرضه وصحته بكلّ ثقة وأمان... إلاّ أنّ الظنّ خاب حين إكتشف المواطن المخدوع أنّه سلعة بل غبارا منثورا وعبءا ثقيلا في بلاده... تتقاذفه الإدارة... ويبتزّه الحزب الحاكم... وتسخر منه مكوّنات المجتمع المدني في الداخل... ويهينه البوليس... ويكذب عليه الإعلام... ويتاجر به الحقوقي في الخارج... ويبيعه الطبيب بجرّة قلم...

تلك هي حقيقة ساهمت فيها عديد الأطراف النخبويّة بعد أن تخندقت في أحضان نظام المخلوع ولم تعد تقدر على التراجع عن نذالتها خوفا من دوران ماكينة الموت البطيء في الإتجاه المعاكس... ولكن لم يكن يخطر ببال مجرمي سلطة المخلوع أنّه سوف يأتي يوم لتنقلب فيه الأوضاع رأسا على عقب ويضع كلّ واحد من أيتام المخلوع يده على قلبه خوفا من أن يفتضح أمره ويقع كشف وجهه الحقيقي بين الأهل والأصدقاء ومحيطه الإجتماعي ليظهر بخزيه عاريا مخذولا لا تتحمّل الأرض قدماه فيسقط من صرح وهم بناه بالخداع والخيانة والمخاوزة والإجرام والفساد من أجل الإستئثار بفتافت من موائد المخلوع بالإغداقات والتسميّات المجاملاتيّة والتعيينات التي يغلب عليها طابع الولاء على الكفاءة...

البوليس السياسي و«الطبيب السياسي» ..

وفي هذا المضمار تراكمت منذ فجر التحوّل المشؤوم جرائم التعذيب في تونس دون أن يجد ضحاياها وعائلاتهم ملجأ عدل وإنصاف للحد من هذه الظاهرة التي تفاقمت دون معاقبة الجناة الذين كانوا يحتمون بأجهزة السلطة ووثائقها المفتعلة لترتيب ملفات الإجرام تحت مناعة الحصانة الوظيفيّة...كان دور الطب الشرعي أساسيّا في محو آثار جريمة التعذيب في مؤسّسات الدولة وكان دور الدكتور المنصف حمدون رياديّا في المساهمة النّاجعة في التستّر على الإجرام في مخافر وزارة الدّاخليّة منذ الأسابيع الأولى لنظام المخلوع: توفّي الرّائد بالجيش الوطني محمد المنصوري، أحد عناصر المجموعة الأمنيّة الأولى، تحت التعذيب يوم الأحد 29 نوفمبر 1987 بمصالح أمن الدولة وكنت شاهد عيان على أثار وحشيّة التّعذيب البدني الذي كان يشتكي منه الفقيد الرائد قبيل وفاته حيث قمت بفحصه في غرفة إيقافه بالطّابق الثّالث قبل وفاته وعجزت عن إسعافه في غياب الأدوية اللاّزمة... ولكنّ الأدهى وأمرّ بقطع النظر عن سلوكيات وممارسات البوليس المجرم كانت الصّاعقة العظمى في الشهادة الطبيّة التي أمضاها المنصف حمدون وعبد العزيز الغشام في الإختبار الطبّي الذي كان يفيد بكلّ زيف وبهتان أنّ الوفاة كانت طبيعيّة وعاديّة... يا للغرابة في الضّحك على الذّقون وإنتهاك شرف المهنة النبيلة بالإبتذال للبوليس السياسي المجرم والتستّر على وحشيّة ممارساته التي أدّت إلى وفاة الرّائد محمد المنصوري...

تمادى بعد هذا التدليس والكذب والبهتان في أداء الواجب المهني الدكتور المنصف حمدون في تحرير تقارير إختباراته المزيّفة للتدليل على توفير ملجإ قانونيّ يجهض أيّ تتبّع عدليّ ضدّ الجناة من البوليس السياسي الذين ضاعفوا جهودهم العضليّة في أداء وظيفتهم الإجراميّة في مخافر وزارة الدّاخليّة... توفّي فيصل بركات في 17 أكتوبر 1990 بعد إيقافه في منزل بوزلفة وتوفّي عبد الرؤوف العريبي في مصالح أمن الدولة تحت التعذيب وإستشهد الجناة بتقارير الدكتور المجرم المنصف حمدون التي تبرّئ ساحتهم بعد أن أفادت إختبارات الطب الشرعي بغير ما تكتنزه الحقيقة... إشتهر إسم هذا الطبيب في المنابر الحقوقيّة الدوليّة وتراكمت ضدّه الشكاوي لدى الهيئات الأمميّة وإفتضحت ممارساته الدنيئة وإبتذاله في خدمة الجلادين من البوليس السياسي.

قضايا إجرام تلاحق الطبيب السياسي ..

إذ رغم إلتحاقه بهيئة عمادة الأطباء في أوائل العشريّة الأولى للقرن الحالي للتستّر على مساهماته في تأصيل الإجرام السياسي في تونس فإنّ الدكتور المنصف حمدون لم ينجح في تسريب براءته التضليليّة إلاّ أنّ الجمعيّة العالميّة للطب كانت حازمة في موضوعه وأطردت من منخرطيها في العالم عمادة الأطبّاء التونسيّين ومنعت الكفاءات التونسيّة من حضور الملتقيات الطبّية العالميّة حيث لم يكن مسموحا للطبيب التونسي إلاّ حضور ندوات المخابر الصيدلانيّة ذات الصبغة التجاريّة ولا غير ذلك في العالم الغربي أمام تهاطل الدعاوي المنشورة ضد الجلادين المجرمين دون أن تكون مرفوقة بما يفيد جرم التعذيب مقارنة بالفحوصات والمعاينات الطبّية التي أجراها عديد ضحايا التعذيب الذين فرّوا من بطش دكتاتورية البوليس نحو الخارج.

وفي هذا الإطار شكّكت عديد الهيئات الحقوقيّة العالميّة في تقارير إختبارات الطب الشرعي في تونس والتي كان يصوغها حسب المقاس الطبيب المجرم المنصف حمدون ضدّ ضحايا التعذيب وخاصة منهم من فارقوا الحياة في زنزانات الإيقاف بعد تعرّضهم لوحشيّة الإنتهاكات الصادرة عن جلاّديهم من البوليس السياسي حيث أصدرت لجنة من الأمم المتحدة في شهر ديسمبر 1999 مذكّرة رسميّة وتقريرا تطلب فيه إخراج جثّة الفقيد فيصل بركات وإعادة فحصها وتحليلها بحضور خبراء دوليّين في الطب الشرعي وذلك نتيجة تلاعب الدكتور منصف حمدون بتقارير إختبارات الطب الشرعي في تونس التي فقدت مصداقيّتها من خلال التستّر على إجرام الجلاّدين والمجرمين في مؤسّسات الدولة..

يحدث كلّ ذلك في تونس بتواطئ من المشرفين على وزارة الصحة وعمادة الأطباء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبارونات الإجرام في وزارة الداخليّة حين يصبح الدكتور المجرم منصف حمدون أستاذا في الطب يدرّس لطلبة السنة الخامسة طب مادة الطب الشرعي ليلقّنهم أصول الإبتذال للبوليس السياسي وإفتعال الإختبارات لضحايا الجلادين من أجل التستّر على المجرمين في حقّ ضحاياهم...

وللإفادة، فقد قدّمت عائلة الفقيد الرائد محمد المنصوري دعوى قضائيّة ضد جلاّدي وزارة الدّاخليّة وضدّ الطبيب المنصف حمدون أمام القضاء العسكري بتونس وينتظر المتابعون لملف التعذيب في تونس متابعة أطوار التحقيق في هذه المحاكمة ليكون عرس الحقيقة التي طالما طمسها المنصف حمدون... لكن يبدو أنّه لا أثر لملف جثة المرحوم الرائد محمد المنصوري في أرشيف قسم الطب الشرعي في مستشفى شارل نيكول .. لأنّ الطبيب المجرم المنصف حمدون طمس آثار جريمته ليتفصى من مسؤولية المشاركة في الجريمة ..

كما حيّنت في الأثناء عائلة الفقيد عبد الرؤوف العريبي قضيّتها لتتبّع مجرمي البوليس السياسي وشريكهم في الجريمة دكتور الطب الشرعي والبوليسي في إنتظار ما سوف يسفر عنه إختبار وفحص جثّة الفقيد فيصل العريبي بحضور خبراء دوليّين في الطب الشرعي... ويومها سوف تكون البهذلة العلنيّة شنيعة للطبيب البوليس المنصف حمدون لدفع ضريبة إبتذاله للبوليس السياسي حتّى ينال رضاء المخلوع وكرم المنزوع الذي جعل منه أستاذا في الطب الشرعي... وتلك هي حكاية أخرى ... وللحديث بقيّة...

د. الصحبي العمري

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article

Archives

Nous sommes sociaux !

Articles récents