Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

مدونة د. الصحبي العمري

مدونة د. الصحبي العمري

Articles du DR SAHBI ELAMRI


حتّى لا ننسى ..

Publié par SAHBI EL AMRI sur 21 Octobre 2015, 21:42pm

حتّى لا ننسى ..

mercredi 21 octobre 2015

لم يكن في تونس معارضون سياسيون منذ فجر الإستقلال بل كان هنالك مناوؤن للنظام السائد عاجزين عن تنظيم صفوفهم وتوحيد كلمتهم وجهودهم لتقديم البديل في برنامج أو مسودة برنامج واضح ..

وفي خضم الفوضى النخبوية وتشتت القوى الفكرية والسياسية بعد الثورة تسللت الخيانات بين ضفاف التنافر السياسي والتصادم الميداني والتجاذبات الإعلامية الفلكلورية إثر إستنزاف الطاقات الوطنية التي أصبحت مهدورة بين الداخل والخارج في عهد الزعيم الراحل وفي عهد المخلوع .. حيث بعد سقوط جدار برلين وإنهيار رمزيته التاريخية سنة 1989 تحوّل المناضلون اليساريون إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وذرفوا دموع التماسيح على ملفات ضحايا التعذيب والمضدهدين في تونس في ظل نظام التغيير المشؤوم .. تاجروا في الخارج بملفات المقهورين في تونس بين المنابر والدوائر المشبوهة والجمعيات الحقوقية الغير حكومية وأصبحوا عناوين تتردد على السفارات في مهمات أقل ما يقال عنها أنّها مشبوهة ..

إحتكر اليساريون التونسيون الدفاع عن الاسلاميين المضطهدين وراء وخارج القضبان في تونس إثر خيبة أملهم في تسلّق جدار نظام السابع من نوفمبر وبعد أن إعترفت الفيديرالية العالمية للدفاع عن حقوق الانسان سنة 1996 بممارسات التعذيب داخل هياكل ومؤسسات الدولة في النظام البوليسي .. جاء هذا الموقف متأخرا جدا في فضح ممارسات إرهاب الدولة ..

إذ منذ إعتلاء المخلوع سدة الحكم في تونس لم تتوقف ماكينة البوليس عن الهتك بالمعارضين السياسيين والنيل من كرامتهم وأجسادهم وأرزاقهم وعائلاتهم .. حيث لم يلبث كل من ركب قاطرة التغيير من اليسار التونسي وإلتحق بحزب التجمع حتى تقيّأته ماكينة المكائد والدسائس البوليسية ليعود أدراجه من حيث أتى بعد أن تكتّم وتستّر عن جرائم التعذيب منذ فجر التغيير التي ذهب ضحيتها الرائد محمد المنصوري في 29 نوفمبر 1987 في مخافر أمن الدولة داخل مقر وزارة الداخلية بتونس التي كان يشرف عليها الجنرال المجرم الحبيب عمّار ..

لقد مرت هذه الجريمة البوليسية النكراء في صمت ولا مبالاة من جميع الدوائر الحقوقية المحلية والعالمية والنهضوية أيضا بل ذهب أحد "رموز النضال الحقوقي" في تونس الى التشفي في تصريحاته الصحفية من الضحية ومساندة الأداء الوحشي لبوليس المخلوع حتى وجد نفسه لاحقا وراء القضبان يعاني مهانة الجلادين وراء القضبان .. وما إن غادر المناضل الحقوقي خميّس الشماري السجن حتى انتقل الى ضفة المدافع الشرس عن ضحايا التعذيب من الاسلاميين ولكن بعد أن أخذت ماكينة الموت البطيء مأخذها في إرباك المجتمع وشلّ كياناته بين 1987 و 1996 وتساقط في هذه الفترة عشرات القتلى بين مخافر أمن الدولة والسجون وهي سنوات كانت كافية لهيمنة البوليس على مفاصل الدولة وشرايينها الحيوية التي إنهارت لاحقا أمام تسلل الرعب والترويع في تأصيل مظاهر الفساد وتقنياته المافيوزية ..

كل ذلك حصل أمام شهود الزور من الدول الشقيقة والصديقة على المآسي والمعاناة التي كانت تحصل في الصمت وفي الظلام لإستئصال المعارضين السياسيين والنقابيين والطلبة وخاصة منهم الإسلاميين ..

إنخرط في السر والخفاء العديد من النشطاء السياسيبن والحقوقيين والنقابيين في منظومة دكتاتورية البوليس حتى أصبحوا جزءا منها في لعبة القط والفأر لتمديد عمر النظام البائد ونجحوا في ذلك إلى حد ما ..

وفي المقابل واصل الانتهازيون من الاسلاميين الهاربين من تونس واللاجئين السياسيين في الخارج دواليب نشاطاتهم في إستجداء وإبتزاز أوكار العمالة وأثرياء العالم العربي والإسلامي للحصول على مبالغ هامة من التبرعات الخيرية وأموال الزكاة بإسم عائلات المساجين السياسيين النهضويين والمضطهدين في تونس ..

ولكن في الحقيقة والواقع كانت هذه الأموال تذهب في جيوب القيادة الغنوشية اللندنية والباريسية التي إستثرت من دماء ودموع وآلام أنصارها وأتباعها من المساجين وعائلاتهم حيث ما كان يصل إلى تونس من هذه الأموال إلاّ القليل النادر لذرّ الرماد على العيون مع كتم سرّ باقي هذه الإستيلاءات المالية الضخمة..

وفي المقابل فقد إستثمر اللصوص النهضويون اللاجئون في الخارج هذه الأموال الخيرية في منافع خاصة تراوحت بين إستحداث محلات المخابز والفطاير والبيتزا والمطاعم الشعبية والنزل وتجارة الخردة والعقارات والسيارات الفخمة والفريب والمدارس القرآنية لأطفال المهاجرين .. ولم يستثمر أحدهم هذه الأموال النّازلة من السماء "هناني بناني" في العلوم والمعرفة إلى أن فاجأتهم الثورة ولم تجد القيادة الغنوشية في المهجر من الكوادر النهضوية ما يسدّ شغورات المسؤولية في مواقع الكفاءات والخبرة بعد الفوز في إنتخابات 23 أكتوبر 2011 في تونس بعد الثورة ..

وفي الحقيقة والواقع تكتسب حركة النهضة بين الدّاخل والخارج من الكوادر والكفاءات والطاقات ما تحتاجه تونس لعدة عقود ولكن هنالك حلقة مفقودة في الصورة التي ظهرت بها حركة النهضة بعد الثورة .. حيث يعلم الجميع أنّ نوابغ الجامعة التونسية في مختلف الإختصاصات العلمية والتقنية والقانونية والأدبية وغيرها كانوا من أنصار حركة الإتجاه الإسلامي المتفوقين في الدراسة منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي .. ولكنهم كانوا غائبين عن المشهد العمومي بعد الثورة .. إذ فيهم من إنزوى بنفسه وانسحب في صمت من الحركة منذ إندلاع المصادمات الميدانية في عنف متبادل بين البوليس وشباب الحركة في أواخر عهد بورقيبة وبداية عهد المخلوع .. وفيهم من غادر البلاد وانسلخ عن نشاط الحركة بعد ان تبيّت له انحرافات القيادة .. وفيهم من حطمتهم المنافي والسجون وماكينة الموت البطيء في دكتاتورية البوليس ولفظ بعد تجربته المريرة حركة النهضة ومن فيها .. وفي ذات السياق هنالك شريحة لا يرغب أن يذكرها أحد وهي مجموعات من قيادات نهضوية معروفة غادرت الحركة في المهجر وانسحبت من أي نشاط سياسي او حقوقي مع العصابة الغنوشية التي انحرفت عن العهد والوعد وبنود البيعة وانغمست في مآثر دنياوية جعلتها تنسى اسباب نضالها وهجرتها القسرية التي لم تكن غاية في قطع التواصل مع الداخل بعد ان إنقطعت السبل في ايجاد حلول ترفع الحصار عن الحركة بين الداخل والخارج ..

كانت بداية سنة 2006 منعرجا في علاقة النهضة بسلطة المخلوع .. إذ بعد فشل مجموعة إضراب 18 اكتوبر 2005 الفلكلوري في تحقيق مطالب سياسية وحقوقية يتصدّرها العفو التشريعي العام حيث دخلت في إضراب جوع محموعة من عشر مناوئين غير متجانسين فكريا وعقائديا في انتماءاتهم السياسية وحاولوا تقديم مسرحية فرجوية من إخراج مختلف أطياف المعارضة وذلك قبل انعقاد قمّة مؤتمر مجتمع المعلومات في تونس بداية من 18 نوفمبر 2005 بتغطية اعلامية أجنبية تحرص بلدانها على الإبتزاز السياسي والإقتصادي لنظام المخلوع تحت ستار الضغط على تونس في احترام حقوق الإنسان وضمان الحريات وإرساء التعددية الفكرية والحزبية .. إنتهى إضراب الجوع وحصل الجميع على يد فارغة وأخرى لا شيء فيها بعد إجتماع يوم 17 نوفمبر 2005 في مقر رابطة الدفاع عن حقوق الانسان تحت اشراف ووساطة من محامية حقوقية ايرنية "شيرين ابادي" .. فإنفجر فريق اضراب 18 اكتوبر 2005 بعد تلك الفترة وتراشق جميعهم بالاتهامات المتبادلة في الاعلام وغيره وطالت الإنشقاقات والخلافات عديد عناصر ومكونات المجتمع المدني بين الداخل والخارج ..

كان إستيائي عميقا في ذلك الظرف حتى اصابني الاحباط الى درجة فكّرت فيها بالقيام بإضراب جوع فردي ونوعي يلفت أنظار العالم الى ما تعانيه بلادنا من كبت للحريات وتضييق على سبل ارتزاق المعارضين وتهميش للطاقات وفساد مالي واجرام سياسي في هياكل الدولة والحزب الحاكم ..

فكرت في إضراب جوع داخل المعبد اليهودي في شارع الحرية بالعاصمة تونس .. فتوجهت بعد جهد جهيد إلى كبير الأحبار من الجالية اليهودية في تونس وصارحته بما أنوي القيام به وطلبت منه مساندتي والتضامن معي في إضرابي .. كان الحوار صريحا بيننا واعلمني بموافقته شريطة ان يقدّم لي الطعام لأتناوله امامه والتصريح في وسائل الإعلام والتقارير الصحفية بإضراب جوع لأنّ الديانة اليهودية تمنع الأذى للجسم والروح .. فإتفقنا على موعد قريب داخل المعبد اليهودي في لافايات بتونس في انتظار تنظيم ترتيبات اضراب الجوع في الأسبوع الأخير من شهر جانفي 2006 .. وتلك هي حكاية أخرى .. وللحديث بقية ..

د. الصحبي العمري

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article

Archives

Nous sommes sociaux !

Articles récents