Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

مدونة د. الصحبي العمري

مدونة د. الصحبي العمري

Articles du DR SAHBI ELAMRI


من الوهن .. إلى المحن .. ما دامت إنشغالات الشعب خارج المعادلة السياسية .. في الدورة البرلمانية الجديدة

Publié par SAHBI EL AMRI sur 2 Décembre 2014, 12:38pm

تنعقد اليوم 2 ديسمبر 2014 أول جلسة برلمان منتخب في تونس بعد مخاض عسير في المشهد العمومي أفرزته إخفاقات الترويكا والمعارضة وباقي مكوّنات المجتمع المدني في التعاطي مع الوضع الجديد بعد 14 جانفي 2011 .. حيث إقتنعت جميع الأطراف المتداخلة أنّه لا مفرّ من مواجهة الواقع المحتوم للتعايش رغم التباين والإختلاف ..

إذ لا تخضع معالجة الوضع الحالي في تونس إلى معايير الزمن في مفهوم الوقت .. وليس من باب الشؤم أن يحدد المرء آليات الحلّ أمام تشابك المصالح بينالداخل والخارج في تقييم الحاصل والمحصول والحصيلة ...

فلا ينكر أحد أنّ تونس أصيبت بحالة إكتئاب سياسي نتيجة نوبة هستيريا جماعية عن واقع إجتماعي ما إنفكّ يتدهور منذ عهود ... وإذ كانت تراكمات الضغوط الحياتية سببا مباشرا في إنفجار وضع متأزّم فإنّ معالجة الإشكال العام المطروح لا تبشّر بإنفراج قريب في ترتيب المعادلات التي إنفلتت توازناتها وتعددت تبريراتها بين الصراحة والمراوغة والمخاتلة أمام إنفصام تام بين الخطاب الرسمي لممثّلي أجهزة الدولة وخطاب هيئاتها ومجالسها الإستشارية الملفّقة في تعاملها مع الإستحقاقات الجوهريّة لثورة تونس.

دخلت فجأة على الخط غربان وغرباء ومتطفّلين على ثورة تونس التي وصفها البعض بثورة «الجبورة» للحط من معنويات حراكها الذي فاق نضالات المجتمع المدني المتراوحة بين الهون والعجز عن تغيير الوضع السائد وإستحالة الإصلاح من الداخل في العهد السابق.

إنبهر العالم بما يحدث في تونس وجلب الشعب التونسي الإحترام لأسلوبه المتحضّر في تقيّء نظام قمعي وإستبدادي ...هرب أعلى هرم السلطة من قصره في يوم الزحف الجماهيري وترك وراءه آليات وركائز دكتاتورية البوليس وكشفت الحكومات المؤقّتة المتعاقبة عن عدم قدرتها في مواكبة نسق وأولويات إستحقاقات ثورة تونس.

زال الخوف والإرتباك بين صفوف الشعب المقهور وإنتقل إلى ضفة السلطة وتفرّعاتها حتّى ظهرت الحلقة المفقودة في تفعيل إرادة الشعب والوصول بثورة تونس نحو شاطئ الأمان ... صرّحت الحكومات المؤقّتة المتعاقبة عديد المرات عن إستعدادها للقطع مع النظام السابق لكنها ما زالت عاجزة أو تتظاهر بالعجز في إستئصال مخلّفاته وجبر أضرار ضحايا سنوات الجمر وإعادة الإعتبار إليهم.

تحرّك أصحاب المصالح الضيقة لتأجيج الصراعات عبر النعرات الجهوية والفئوية لكنهم لم يفلحوا في ذلك وبرزت في إعلامنا مظاهر غريبة عن مجتمعنا تنادي بالتباين والتفرقة من أجل إجهاض موجة غضب عارم يفضح عقم الاديولوجيات واطروحات التحزّب أمام واقع يفرض التعاطي معه بموضوعية وشفافية مع أخذ العبرة من محطات في تاريخنا المعاصر.

تشكّلت هيئات ومجالس ولجان الوصاية على ثورة تونس وأصبحت تهدد كيانها في التوظيف والاستغلال إلى درجة جعلت الحكومات المؤقّتة المتتالية غير قادرة على ترميم الوضع بما يهدّئ الخواطر ... قفز جميع الراكبين على ثورة تونس على تفعيل ركن الوئام والتصالح بين السلطة والشعب من أجل رتق الشرخ وتضميد جراح الماضي وزاد الطين بلّة تباطؤ وتواطؤ القضاء في معالجة ملفات الفساد المالي والاجرام السياسي المطروحة امامه نتيجة ضغوطات الخفاء التي ما زالت تحمي عناصر من أقارب الرئيس المخلوع وتفرّعاتهم المافيوزية .

حاول خفافيش الظلام مسح جميع انحرافات النظام السابق في الطرابلسية منذ 14 جانفي 2011 ولكن المسرحية إفتضحت امام اصرار الشعب على حرق ونهب وتخريب العديد من ممتلكات الفاسدين ومطاردتهم.

كان بالإمكان تفادي العديد من المظاهر السلبية التي رافقت ثورة تونس لو تعاملت أجهزة السلطة بآذان صاغية لاستحقاقات ثورة تونس منذ البداية. إنّ التّاريخ لا تكفي قراءته على مساحة الحدث فحسب، فهو قائم وإن بصورة غير مباشرة في اللّحظة الحاضرة مشتبك في نسيجها ومتفاعل في الرّؤية المستقبلية بعيدا عن الدّائرة العاجية التى إستولى عليها اليسار التونسي في أجهزة الأمن والإعلام والعدالة والتّعليم وكواليس الحكومة حيث إختصر التّاريخ واستحوذ عليه بأساليب غير نظيفة وغير شفّافة نافيا المعادلة التي تصوغ المسيرة التي أفرزت في وقت معروف ومحدود جيل

الإستئصال والحقد والظّغينة والكبت والإقصاء والتّهميش الذي ترعرع في بؤر المظالم البوليسية والإجتماعية والسّياسية وربّما أيضا العقائديّة.

وبإختصار لقد غاب الإجتهاد الفكري والسّياسي الصّادق والنّزيه بين جميع الأطراف المتداخلة وحلّت محلّه الحسابات الذّاتية ومسابقات المنابر وإصدار البيانات والتصريحات المعاكسة والمشاكسة لتيّار الإصلاح الجذري وذلك في حركة تستبله المقاصد والغايات والطموحات الشّعبية وتشوّش المبادرات التّصحيحيّة الإصلاحية قصد إستجلاب الأضواء إلى النّجومية المرضية الفارغة التي إستفحلت بين الحقوقيين والمعارضين السّياسيين بعد أن ظهر للعيان فراغ جرابهم وفقدان أتباعهم حتّى صاروا يتاجرون بثوابت المواقف لزحزحة وحدة الصّف المعارض ويتسابقون في حبك مخطّطات تآمرية لم تتجاوز عقلية الإقصاء والاستئصال في سنفونية لا تحترم نضالات شهدائنا الأبرار من الذين دفعوا باهضا ثمن المطالبة بسيادة تونس وعزّة تونس وكرامة جميع أهل تونس فوق أرض الأمجاد والأجداد قبل وبعد الإستقلال.

وبإختصار المختصر ... هل يقبل الشعب تواصل مثل هذا الفتور والإنفلات والإهمال في ترتيب الأوضاع في إستحقاقات ثورة تونس بصفة تضعه خارج الحراك تحت ستار لا شرعيّة أوصياء ثورة تونس وشرعية برلمان في فترة إنتقالية مهددة بتحديات إقليمية تتجاوز أولويات الداخل الذي بقي خارج دائرة الإهتمامات الرسمية ؟

وهل فكّر وجهاء القوم في تونس في إعادة بناء جسور الثقة بين السلطة والشعب لتفادي المحظور والممنوع ؟

عديدة هي المؤشّرات التي تدفع نحو المجهول حاليّا وتبشّر بكل سوء محتمل ...

لذلك وجب إتّخاذ القرار اللازم في الوقت اللازم قبل فوات الأوان دون الضحك على الذقون في مناخ أزمة تزيد البلاد إختناقا تحت نار هادئة ...

إذ ليست من الشواغل الأساسية للشعب بحثه عمّن يكون رئيس البرلمان .. ومن يكون رئيس الحكومة .. ومن يكون رئيس البلاد بقدر ما تشغله إزالة اسباب النكد والنغص الحاصل له من الصراعات والمكائد والدسائس الحزبية والفئوية التي تدفع نحو توتير الوضع الداخلي وإستنزاف مجهوداته وتحويل إهتماماته الجوهرية حتى يكون أسيرا لمن يضمن له أمنه وسلامته وغذائه .. وتلك هي حكاية أخرى ..

وللحديث بقية...

من الوهن .. إلى المحن .. ما دامت إنشغالات الشعب خارج المعادلة السياسية .. في الدورة البرلمانية الجديدة
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article

Archives

Nous sommes sociaux !

Articles récents